2011/12/19

شكراً لهذه الأيادي

شكراً لهذه الأيادي
أكثر من ثمانية أشهر عجاف مرت على الشعب الليبي، كانت شديدة القسوة على المجتمع بكل فئاته صغاراً و كباراً، رجالاً و نساءً، و في كل أرجاء الوطن من شماله إلى جنوبه و من شرقه إلى غربه. لم تكن المأساة متوقعة في أي مكان، ولم تكن متقوقعة في مكان واحد كل الوقت ، بل كانت الحاجات ممتدة عبر كل الوطن و طيلة الثمانية أشهر، و إن تغيرت طبيعة الاحتياجات من مكان إلى آخر و من وقت لآخر.

منذ اليوم الثالث للثورة تنادت الأيادي الخيرة لتقديم العون للشعب الليبي عبر الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية و حتى المبادرات الشخصية من الليبيين في الداخل و الخارج و من الأشقاء في الدول العربية و الإسلامية.

لقد مثل الوضع الإنساني للشعب الليبي تحدياً كبيراً لأغلب العاملين في هذا المجال، إذ أن معظم الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية تعتمد أساس التعاون مع السلطات المحلية في عملها،الأمر الذي ظل مفقوداً طيلة الشهر الأول من الثورة. كذلك اتساع الرقعة الجغرافية لليبيا و طول الطرق وافتقار الأمان في الطرق الصحراوية بعض الأحيان زاد من صعوبة تنقل أعضاء البعثات الإنسانية، و نقل المواد الإغاثية. كذلك شكل انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق و عدم وجود الأماكن الملائمة مشاكل في التخزين. كما أن تخلخل الأداء المصرفي وانعدام خدمات التحويل بين المدن و مع العالم الخارجي خلق مشكلة لوجستية أعاقت العمل.

لم تتعدد الاحتياجات في أي كارثة كما تعددت خلال الأزمة الليبية، ابتداءً بعائلات نزحت تحتاج إلى مأوى كأهالي مدينة اجدابيا في بداية الأزمة، وأهالي مدينة سرت في نهايتها، و بين البداية والنهاية كانت عائلات مصراتة والزنتان والبريقة و بشر و مرادة وغيرها. لم يكن مجرد عدد محدود من العائلات تهدمت منازلها فنزحت،، بل هي مدن بكاملها يعمها الرعب فتنزح، و ترعب القذائف نساءها و اطفالها فيهرعون بلا زاد يبحثون عن مأوى لهم. و حالما تحط بهم الرحال في مكان ما كانت الحاجة للماء و الغذاء، للغطاء والدواء. و لم يكن هذا الاحتياج محدود بزمن، فالبعض قد تجاوز نزوحهم الستة أشهر.

بالإضافة إلى هذه الاحتياجات كان تقطع سبل التواصل بين العائلات و حتى بين أفراد العائلة الواحدة مشكلة زاد في تعقيدها انقطاع الاتصالات الهاتفية و توقف حركة الطيران و قطع الطرق البرية نتيجة المعارك. و كأن هذا لا يكفي فزادوا الأمر سوءً بزرعهم الألغام بمعدل لغم لكل عائلة.

فشكراً للجمعيات الأهلية و المؤسسات الخيرية التي لم تثنها هذه العوائق عن آداء مهامها الإنسانية.

البعض تخلف عن تقديم المساعدة لاعتقاده بعدم الحاجة لخدماته، و اعتماداً على معايير خاصة اعتبرت الشعب الليبي قادراً على تخطي أزمته بنفسه ، لكن و عندما وصلوا إلى الأرض أدركوا الواقع، أدركوا أن 17 فبراير لم تكن باحثة عن الديمقراطية و حسب، بل كانت ضرورة حتمية لاسترجاع كرامة المواطن الليبي و استعادة قوت يومه الذي تواصل سلبه منه لعقود.

فشكراً لأولئك الذين بادروا بالحضور وأدركوا منذ البداية الهشاشة التي يعانيها المجتمع الليبي في المجال الإنساني.

شكراً لأولئك الذين تقصوا مواطن الضعف، فطالوا الفئات الأكثر عوزاً فساعدوها.

نتقدم بالشكر لكل هؤلاء، آملين من رجالات الدولة الليبية الحديثة ألا ينسوا الدور الذي قامت به الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية في بلادنا ، و أن يتذكروا هذا الدور كلما تناهى إلى أسماعهم نداء لأي كارثة إنسانية في أي مكان من العالم، فيبادروا بدعم المتضررين فيها، كنوع من رد الجميل و كدعم للقوة الإنسانية التي دعمت الشعب الليبي خلال أزمته.

ليست هناك تعليقات: