2011/12/18

و من يُجهل أربعين حولاً ..... لا أبالك يخطئ


لو أن الأمور انتظمت في ليبيا خلال شهر أو شهرين أو بضعة أشهر بعد التحرير لكان واجباً علينا أن نتقدم بالشكر للنظام السابق، لأنه نظام خلق شعباً يستطيع تجاوز أشد الأزمات في زمن قصير . لكن هذا لم يحدث و لم يكن ليحدث في بلد تعرض شعبها لعقود متتابعة من التجهيل الممنهج .

لا تتلاوموا... يلوم أحدكم الآخر ... فما نراه اليوم في ليبيا هو محصلة متوقعة لأربعة عقود من التجهيل و التهميش و تدمير الإنسان من الداخل. فمن لم يتوارى تحت التراب كان كومة لحم خلف القضبان. فمن لم تسعفه شجاعته ليكون من هؤلاء كان أسيراً داخل نفسه يتابع كل يوم الجري خلف لقمة عيش لا تقيه و أطفاله الأنيميا و أمراض سوء التغذية الأخرى. تعود خنق أفكاره داخل عقله. ينام و هو يخشى أن تتسلل إحدى أفكاره فتشي به عند رجالات الأمن الداخلي أو الخارجي. شعب تعود و عبر أربعين عاماً إن الحقوق لا تُحصل إلا بالواسطة، تعود أن لا يصل لعمله إلا بالمرور وسط بركة المجاري، تعود الإحساس بأن ما يحصل عليه هو حسنة من النظام، تعود نسيان حقوقه ، تعود و عبر سنوات إن احترامه للآخر انتقاص من حقه، لم يعد من السهل عليه أن يفرق بين الحرية والفوضى و بين الحق والواجب.

الشعب الليبي عاش تجربة مريرة عبر حقبة زمنية ليست بالقصيرة – مقارنة بمتوسط عمر الإنسان في ليبيا-  لا يمكن إلا أن تترك أثراً نفسياً و هذا الأثر ليس له إلا أن ينعكس في تصرفاتنا و معاملاتنا مع الآخرين و مع البيئة المحيطة بنا بشكل عام.

يجب أن نتناصح بعضنا بعضاً، و لكن علينا ألا نشتد في لوم الآخر لخطأ ارتكبه، و تذكر دائماً أن خطأ أخيك قد لا يكون عن سبق إصرار بل هو محصلة لأربعين عاماُ من ترصد حكومة لشعبها، و من يُجهل أربعين حولاً ..... لا أبالك يخطئ.

ليست هناك تعليقات: