2011/12/19

الربيع العربي .. هل حان أوان القطاف

الربيع العربي ... هل حان أوان القطاف ..

يجب ألا ننسى إن الربيع العربي، لم يتأتى نتيجة مطر مدرار متواصل في صورة خير و رفاهية، جاد بها الحكام على مواطنيهم فنام هؤلاء المواطنين غير جائعين و لا متعبين، مدّثرين بفراش من ريش النعام، فلما قاموا في الصباح بحثوا عن ترف جديد لم يجدوه سوى في ثورة تطلب الديمقراطية و الحرية.
المطر الذي أظهر الربيع العربي لم يكن مجرد طفرة مناخية، بل هو محصلة طبيعية لقوانين فيزيائية عايشها المواطن العربي كل الوقت و لعقود لم تكن بالقليلة.
لقد أمطرت سماء العالم العربي بعدما تلبدت بسحب و دخان من آهات و أنين الملايين المتألمة التي لم يُحقّ لها يوماً أن تنبس ببنت شفه. ملايين تُطحن كل يوم برحى قوانين الحاكم و قراراته و نزوات عائلته و أدوات زبانيته.
تواصل تصاعد الدخان و تراكم السحب، دون أن يفكر أحد في أن السماء ستمطر حرية ذات يوم.و طال الانتظار و السماء لا تمطر، و فرمانات الحكام تمنع صلوات الاستسقاء، منعوا حتى تحري هلال رمضان و حاولوا إقناعنا بأن مراكز الأرصاد أكثر دقة، فعلوا ذلك خشية أن ننظر للسماء فنرى السحب فنحلم بالمطر. حتى من خاتلهم و اختلس النظر إلى السماء فترأى له السحاب، لم يستطيع البوح بما رأى ، و من فكر في الحديث عما رأى عمدوا إليه فذهبوا به إلى حيث لا سماء.
كان لا بد لروح البوعزيزي أن تصعّد في السماء و كأنها تنثر نيترات الفضة وسط السحاب لتنزل مطراً مدراراً . حاول الحكام أن يمنعوا هذا المطر بكل ما طالت أيديهم من أدوات. فلما عجزوا عادوا لعادتهم القديمة محاولين إيهامنا بأن ما ينزل من السماء ليس مطراً بل هو مؤامرة امبريالية تهدف لإغراق أرضنا و نشر الفوضى بيننا. أشاروا إلينا بأصابعهم محذرين بأننا مجتمع قبلي تمتد جذوره إلى بني مرة و إننا قد نفنى في سبيل داحس أو الغبراء . لكنهم فشلوا فالمطر المدرار قد سبق فتنتهم و طهرنا من الداخل، فلما أدركوا فشلهم عمدوا إلى مواطنيهم يقدمونهم قرباناً لآلهتهم لعلها تستجيب و توقف المطر، أو لعل أنهار الدم تشوه المطر و تثير الرعب فينا، و تجعلنا نخاف على أطفالنا فنكره المطر و نكفر بالثورة و نعود إلى سباتنا الأبدي الذي عشناه لعقود و عقود... لنحيا بلا أمل و ننام بلا حلم.
كانت آلته كبيرة، مستعدة لقتل جميع الشرفاء و صفد دمهم، لعل أنهار الدم المسكوب تبتلع ماء المطر فيضيع الحلم. لكن الأرض كانت وفية لدماء أبنائها، كانت تحتضنهم بكل الود، تنسج بأرواحهم راية طالما حلموا بها و لطالما كان يخشاها حكامهم، فلما طال الدم كل جزء من أجزائها، أدركت أرضنا أن نُسجها قد اكتمل وأن الربيع قد حل و إنه قد آن الأوان. انتفضت الشمس من غفوتها و أطلت على أرضنا لترى الربيع و قد أطل بعد طول غياب.
في الصباح كان هناك طفل يحاول قطف زهرة من أزهار الربيع... نهرته أمه قائلة بأن أوان قطف الزهور لم يحن بعد... نظر إليها الطفل ببرأة و سألها : متى يحين موعد قطف الأزهار يا أمي؟؟؟

ليست هناك تعليقات: