2010/11/05

المالاريا...لازالت تهدد



الملاريا: مرض لا يعرف الحدود

لماذا اختيار 25 الطير كيوم عالمي لمكافحة الملاريا؟

اجتمعت 44 دولة أفريقية في نيجيريا في 25 الطير عام 2000 و أقرت هذا اليوم كيوم أفريقي لمكافحة الملاريا وتم إحياءه لأول مرة في العام 2001، لذلك وعندما تم التفكير في يوم عالمي لمكافحة الملاريا تم اتخاذ ذات التاريخ ليصبح هذا اليوم يوماً عالمياً بعد أن كان أفريقياً.

الملاريا: أخذت هذه التسمية عن الإيطالية ومعناها الحرفي الهواء الملوث إذ كان يعتقد أن هذا المرض يحدث نتيجة التعرض للهواء الملوث بالمرض بينما المسئول الحقيقي عن نقل المرض من شخص إلى آخر هو بعوضة الأنوفيل التي تنتشر حول منطقة خط الاستواء، وتعتبر الملاريا من أخطر الإمراض الوبائية التي تؤدي إلى عجز ووفــاة الملايين من سكان العالم خصوصاً الأطفال والحوامل وكبار السن والمسافرين واللاجئين والأشخاص المعدمين والعمال في المناطق الموبوءة. و تتسبب الملاريا كل عام في وفاة أكثر من مليون شخص بالإضافة إلى وجود أكثر من 300 إلى 500 مليون مصاب معظمهم في الدول الفقيرة.
أكثر من 41% من سكان العالم عرضة لخطر الإصابة بالملاريا وتزداد هذه النسبة سنويًا بسبب تدهور النظم الصحية وازدياد المقاومة ضد المبيدات الحشرية وتغير المناخ وانتشار الحروب.
تنتشر الملاريا في أكثر من مئة دولة منها 45 دولة في المنطقة الإفريقية و21 دولة في منطقة الأمريكتين و6 دول في المنطقة الأوروبية و14 دولة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط و9 دول في منطقة جنوب شرق آسيا و10 دول في منطقة الباسيفيك الغربية.

ما هي الظروف التي تؤدي إلى انتشار الملاريا؟ 
1- انخفاض الوعي الصحي بين المواطنين وعدم اتخاذ سبل الوقاية.
2- تواجد نوع البعوض المناسب لنقل طفيل الملاريا (أنثى الانوفيليس).
3- وجود طقس حار رطب يناسب توالد البعوض و تواجد المياه الراكدة كالمستنقعات.
4- وجود مريض أو مرضى مصابين بالملاريا في المجتمع.
يتسبب مرض الملاريا في ازدياد الفقراء عن طريق تقليل الإنتاجية والاستقرار الاجتماعي.
ويتعرض سكان الريف والفقراء إلى خطر الإصابة بالملاريا نظرًا لأن إمكانية العلاج الفعال محدودة جداً في المناطق الريفية، وترتفع نسبة العدوى أثناء موسم هطول الأمطار وهو وقت النشاط الزراعي المكثف. وتشير الأبحاث إلى أن العائلات المتأثرة بالملاريا تقوم بحصاد محاصيل زراعية أقل بحوالي 66% من العائلات الأخرى.
كما أن الإصابة بالملاريا أثناء الحمل تعتبر من المشكلات الصحية العامة في المناطق الاستوائية والمناطق شبة الاستوائية في جميع أنحاء العالم. وفي أكثر المناطق تعرضًا للإصابة في العالم تكون النساء الحوامل أكثر عرضة للإصابة بالملاريا.
ويتسبب مرض الملاريا في أفريقيا في خسارة في إجمالي الناتج القومي تزيد عن 12 مليار دولار كل عام.

كيف تنتقل العدوى إلى الإنسان السليم؟ 
الملاريا مرض التهابي خطير، يسببه طفيلي خاص يسمى البلازموديوم plasmodium، الذي يدخل إلى الكريات الحمراء في جسم المريض فيدمرها. وتساهم أنثى الأنوفيل في نقل هذا المرض من الشخص المصاب الى السليم.

دورة المرض:

عندما تلسع البعوضة التي تحمل طفيلي الملاريا- أنثى الأنوفيل- شخصاً سليماً، تقذف في دمه كميات كبيرة من أطوار sporozoites التي تذهب بدورها إلى الكبد، وهناك تدخل الخلايا الكبدية فتنمو وتنقسم فيها متحولة إلى كيسات schizonts مجهرية تحتوي في داخلها على أعداد كبيرة من الأطوار merozoites. ثم لا تلبث هذه الكيسات أن تنفجر في نهاية الأسبوع الثاني مطلقة أعداداً كبيرة من أطوار merozoites ، التي تخترق بدورها جدران الكريات الحمراء للمريض وتدخلها لتنقسم بدورها وتتطور فيها متحولة إلى الأطوار trophozoites ، ثم لا تلبث الكريات الحمراء أن تنفجر مطلقة أعداداً هائلة من هذه الأطوار ، التي تهاجمها الكريات البيضاء البالعة phagocytes فتحطم قسماً كبيراً منها ...
أما القسم الذي ينجو، فإما أن تمتصه بعوضة جديدة لدى لسعها للمريض لتنقله إلى الأصحاء أو يدخل كريات حمراء جديد ليحطمها... وهكذا تستمر الدورة.

فترة الحضانة:

تختلف فترة الحضانة وهي المدة الزمنية الفاصلة ما بين دخول الطفيلي إلى جسم المريض وظهور أعراض المرض بحسب نوع الطفيلي ، ومتوسطها أسبوعان ... بعد هذه الفترة تبدأ أعراض وعلامات المرض في الظهور.

الأعراض: 

1- ارتفاع درجة الحرارة قد تصاحبه قشعريرة وعرق غزير وصداع.
2- ألم بالظهر والمفاصل والعضلات وألم بالبطن وتضخم بالطحال والكبد خاصة مع تكرار الإصابة.
3- فقدان الشهية للأكل مع حدوث القيء والإسهال وشحوب بالوجه وضعف عام بالجسم.

مضاعفات الملاريا :
1- الإسهال والقيء مع فقدان شديد للسوائل الذي قد يؤدي إلى الوفاة.
2- التشنجات وفقدان الوعي نتيجة لإصابة المخ.
3- قصور في وظائف الكليتين.
4- موت الجنين داخل الرحم.
5- ولادة الأطفال المبتسرين.
6- ضعف حاد في الدم نتيجة لتكسير عدد كبير من كريات الدم الحمراء.

تشخيص المرض: 
يتم تشخيص الملاريا بأخذ عينة من دم المريض وفحصها تحت المجهر.

طرق الوقاية من المرض: 

1- نشر الوعي الصحي بين المواطنين عن الملاريا وخطورتها وطرق مكافحتها.
2- المحافظة على نظافة المنزل والحي والأسواق.
3- إبعاد مواقع السكن عن أماكن المياه الراكدة والأودية التي يتكاثر بها البعوض.
4- ردم المنخفضات الناتجة عن إنشاء المباني والعمارات.
5- التخلص من النفايات خصوصاً العلب والصفائح الفارغة التي قد يتكاثر بها البعوض إذا تراكم الماء فيها.
6- ردم المنخفضات التي قد تتجمع فيها مياه الأمطار فيتوالد فيها البعوض.
7- التبليغ الفوري عن الأشخاص المصابين بأي من أعراض الملاريا المذكورة سابقاً.
9- تجنب التعرض للبعوض باستعمال الناموسية عند النوم أو المركبات الطاردة للحشرات والبعوض برش المنازل بالمبيدات الحشرية ووضع شبكة من السلك الواقي على النوافذ وأبواب المنازل.
10- المواظبة على العلاج في حالة الإصابة بالملاريا.
11- مواظبة الحامل على حضور الكشف الدوري بانتظام في المركز الصحي.
12- المواظبة على الرضاعة الطبيعية في الثلاثة أشهر الأولى إذ أن حليب ألام يعيق نمو طفيل الملاريا لدي الطفل الرضيع.
13- عند السفر لمناطق بها ملاريا يجب استشارة الطبيب وذلك لأخذ العلاج الواقي.
14- استخدام أنواع خاصم من الكريمات على الجلد وذلك لطرد البعوض.

إذا كلفت بالعمل في المناطق التي ينتشر فيها مرض الملاريا فعليك:

مراجعة أقرب مركز صحي قبل سفرك للحصول على التطعيم اللازم
تجنب لدغ الحشرات
استعمل الشبكة الواقية أثناء النوم
تجنب الخروج ليلاً والنوم خارجاً قدر المستطاع
احرص على استعمال الكريمات الواقية

مكافحة المرض:

في المناطق التي ينتشر بها المرض يجب أن يتم إدراج العلاج الفعال والفوري للملاريا والذي من شأنه أن يخفض نسبة الوفيات بحوالي 50% في الرعاية الصحية الروتينية بالأمهات والأطفال.
كما يمكن أن يساعد رش المبيدات الحشرية وشبكات الأسرة وباقي الإجراءات الفعالة في منع انتشار الملاريا.
وفي بعض المناطق، تمكنت طفيليات الملاريا من مقاومة الأدوية الرخيصة المستخدمة في علاج المرض. بيد أنه يمكن تأخير مقاومة العلاج باستخدام طرق العلاج التي تجمع بين عدد مختلف من الأدوية.

قصة اكتشاف علاج الملاريا:
الزمان منتصف القرن السابع عشر، والمكان قرية صغيرة من قرى البيرو لا تبعد كثيراً عن العاصمة ليما، الموقف لا نراه يتكرر كثيراً؛ رجل عجوز يجلس أمام كوخ منعزل يمسك بيده ورقة خضراء عريضة يقطعها قطعاً صغيرة، ويضع ما يقطع داخل إناء فخاري صغير به بعض الماء، وبين الفينة والأخرى يلقي نظرة بغير اكتراث على ذلك القادم الذي يراه آتٍ ناحية كوخه.وحين بدأت معالم ذلك القادم تتضح استطاع الشيخ أن يتبين فيه شبح أحد الجنود الأسبان.
ـ ترى ماذا يريد جندي أسباني من رجل عجوز مثلي.. مئة عام مرت على قدومهم دون أن يفكر أحد منهم في الاقتراب من هذه الأرض. ترى ما الذي جد اليوم ليرسلوا لي بهذا الجندي ؟
هذا ماكان يفكر فيه الشيخ وهو يواصل تقطيع الورقة بين يديه منتظراً وصول ذلك الجندي.
ـ على كل حال ماذا يريد من رجل عجوز... لا اعتقد أني سأفيدهم في مناجم الذهب والفضة، أو حتى أي عملٍ آخر، وليس بكوخي هذا ما يمكن أن يفيدوا منه في شيء. إذاً لابد وأنه قادم يتعقب أحد الفارين من أيديهم.
إلى هنا وكان الجندي قد أدرك الكوخ وصار حيث كان الشيخ جالساً...
ـ صباح الخير أيها الرجل العجوز.
ـ صباح الخير.... نعم تفضل، هل أستطيع مساعدتك في شيء ؟
ـ سيدي لقد سألت في القرية فدللت إلى هذا الكوخ، إنني أبحث عن طبيب وقد أرشدني أهل القرية إليك، وقالوا عنك أنك رجل بارع، تفهم الإعشاب وتجيد التطبيب بها، فهل هذا صحيح؟
ـ أعتقد ذلك.
ـ إذاً فأنت غايتي التي أنشد... تعرف ولاشك الحاكم الأسباني لهذه البلاد، الماركيز كينكينا... إنه هناك في العاصمة ليما يسكن القصر الكبير مع زوجته الماركيزه، آنا ، إنها سيدة لطيفه وجميله لكنها وللأسف مريضة، وقد حار الأطباء في مرضها فما وجدوا له من دواء، وكادوا أن ينفضوا أيديهم منها، لكن الماركيز لما ييأس بعد، لذلك أمر أن ننتشر في هذه الأرض فنبحث له عمن يمكن أن يشفي زوجته، وقد وعد من يحضر له الطبيب القادر على علاجها بمكافأة قيمه، فهل لك أن تصحبني لتراها، لعل شفاءها يكون على يديك فتكسب المال الوفير.
ـ حسناً سأذهب معك، وإن كنت لا أحبذ فكرة ترك كوخي هذا.
ـ إذا تمكنت من علاجها فلن تكون بحاجة إليه.
وصل العجوز إلى قصر الماركيز ، فكانت هيئته المتواضعة، وملابسة الرثة، مثار استهزاء من قبل كل من كان في القصر.
أُدخل العجوز على مخدع السيدة، فوجدها منهكة القوى، شاحبة الوجه غائرة العينين، يتصبب من جسدها العرق مما به من الحرارة، ولم يطل الطبيب عند السيدة مكوثاً إذ لم يكن تشخيص حالها صعب عليه وما كان مرضها بغريب عنه، فهي كانت مصابه بالملاريا وهو مرض ينتشر كثيراً في المناطق الاستوائية.
عاد الشيخ إلى الماركيز ليطمئنه، ويخبره بأنه سيأتي لزوجته بالعلاج في الغد، لأن دواءها يحتاج منه جمعاً وتحضيراً.
***
عاد الشيخ إلى كوخه لكنه ما كاد يضع رأسه على الوسادة حتى سمع شخصاً يناديه، فخرج مستطلعا الأمر، ليجد فتاة تبدوا علي عجل مما جعله يظن أن وراءها مريضاً تركته يعاني آلامه فبادرها قائلا:
ـ تفضلي يا ابنتي ماذا تريدين؟
ـ مرحبا بك أيها الطبيب، أنا زوما خادمة الماركيزه آنا التي زرتها اليوم لتعالجها، ولقد رأيتك وأنت تأتي القصر، وسمعت أنك عائد إليها بالدواء غداً فهل أنت جاد في ذلك ؟
ـ نعم أنا جاد فيما قلت، فمرضها ليس بالصعوبة التي تصورها أطباءها، وعلاجها متوفر.
ـ ولماذا تفعل ذلك؟
ـ لأنني طبيب يعالج المرضى.
ـ لكن هؤلاء غزاة جاءوا لقتلنا، وما أصابهم من المرض هو عقاب من الرب، فهل يحق لنا نحن الضعفاء أن نداري عنهم غضب الرب؟
ـ الآن هي مجرد مريضة لا حول لها ولا قوة، ثم إنها إنسانه طيبة كما سمعت.
ـ لكن جنودهم أبداً ليسوا طيبين، إنهم يقتلون، ويدمرون ويجعلون منا سخرة لهم، وإذا عرفوا العلاج استعملوه هم أيضاً.
ـ وما العمل؟
ـ لا أدري، ولكن يجب ألا تعالجها.
ـ حسناً إسمعي ، أيتها الفتاة ، بما أنك تعملين لدى الماركيزه فما رائك أن أعطيك الدواء لتشرفي على إعطاءه لها بنفسك وبهذا يتحقق للماركيزة الشفاء دون أن نمكنهم من سر دواءنا هذا .
ـ فكرة جيدة أيها الطبيب، لتحضر لي الدواء في الغد وسأعطيه لها بنفسي.
وهكذا بدأت زوما تعطي الدواء للماركيزه بالجرعة التي حددها لها الطبيب، محاولة ألا يلحظها أحد تفعل ذلك، لكن أحدهم أخبر الماركيز أن زوما تعطي السيدة دواء خلسة وأخافه أن يكون ذلك نوع من السم. فاستدعى الماركيز زوما الخادمة وسألها أن تبرر تصرفها ذاك، فلم تجد زوما من وسيلة للدفاع عن نفسها إلا الاعتراف بالحقيقة كاملة، فكان أن طلب الماركيز الطبيب ليسمع منه الحكاية بنفسه.....
ـ وكيف توصلت إلى هذا العلاج أيها الطبيب ؟
ـ في الحقيقة لست أنا من توصل إلى سر فائدة لب الأشجار في علاج الملاريا، إنما توصل لذلك أحد أطباءنا القدماء، فقد حدث أن أصاب هذه المنطقة زلزالاً عنيفاً تهدمت على أثره المباني وانتشرت الأمراض، فكان طبيبنا ذاك يعود مرضاه كل في مكانه، وقد لاحظ بعقله الفطن أن عدد الموتى قليل جداً في المنطقة المحيطة بالبحيرة، وعند سؤاله للمرضى تبين له أن كل من شرب من ماء تلك البحيرة قد تماثل للشفاء بسرعة، فاعتقد الطبيب وجود سر في مياه البحيرة، لذلك قام بزيارتها للوقوف على هذا السر، فلم يلاحظ ما يميزها عن غيرها من البحيرات سوى طعم ماءها المر الذي أعاد المحيطين بالبحيرة سببه إلى سقوط الأشجار في مياهها من أثر الزلزال، فكان أن توصل الطبيب إلى سر المفعول الشافي لمياة تلك البحيرة، الذي لم يكن غير لب الأشجار الساقطة فيها، هذا السر الذي توارثناه جيلاً بعد جيل.
وهكذا ذاع السر وشاع استعمال الدواء بين الجنود الأسبان، ثم قام أحد التجار ويدعى تومس بنقله إلى بريطانيا ليستعمله بعد مزجه بالخمر لإزالة طعمه المر، وبعد استعمال شارل الثالث لهذا الدواء وشفاءه من مرضه، أمر باعتبار هذا التاجر عضواً في كلية لندن، إلا أن جميع الأطباء كانوا يحتقرونه أشد الاحتقار، فلما مات شارل بادر توماس بالهرب، ليأخذ عنه صهره روبييه سر الدواء ويحمله إلى باريس حيث لم يكن هناك من علاج للمالاريا غير الصفد، فاقبل على دواءه الكثير من الناس، ونال حضوة عند لويس الرابع عشر، لكن السر لم يدم بعد ذلك طويلاً، لتدخل الكينكينا معامل كليات الطب ليذاع سرها فتصبح الدواء الأساسي لمرضى الملاريا في جميع المستشفيات.

ليست هناك تعليقات: