2013/10/07

ترهلات وطن

صار يعتريه الشعور بالترهل منذ عقدين و نيف من الزمان، كان هذا الشعور يرتاده بين الفينة و الأخرى. لكن توالي السنون بذات الرتابة، جعل شعوره أكثر عمقاً، و جرحه أشد نزفاً و إيلاماً. تمادى ترهله حتى دحت بطنه، فجاوز الأمر الشعور، ليصبح محسوساً ملموساً منظوراً مسموعاً مشموماً. يتذوق العذابات، و يشتم الآهات و يجتر في بَلادة بقايا كرامة حدثه عنها الأجداد ذات يوم. فيما تلى من السنون، تمرد الأمر و خرج من بين يديه ليجاوز شعوره الداخلي الخفي، فيبان للجميع واقعاً يلحظه كل من يلتقية، متمثلاً في كرش هلامية متقيحة ذات طبقات يطبق بعضها على بعض، و كأنها تحاول الإمساك بما علق بينها من قذى، تصدر عنها رائحة نتنة، لن تتعرف حقيقتها إلا بعد تمكنها من صدرك، تتمادى في تمددها فتطال ما بعد الحدود و ما وراء البحار.
فكر فقرر فنفذ، فكر فيما فات و فيما هو آت، قرر أن يغير الثبات بالثبات، ثبات هذا الترهل صار مغلقاً له و للآخرين، لذلك قرر الثبات في وجه المزيد من ترهله، قرر محاربته، فصمد و صابر و هو يدافع الترهل، رغم تترع المزيد من القذى، و تفتق العديد من الجروح، و اختناق المزيد من الأنفاس بالرائحة النتنة. تخلص مما فيه من ترهل ، و بدأ نظاماً جديداً تعلقت به الكثير من الآمال. لكن حياة جديدة بلا ترهل تحتاج نظاماً حياتياً جديداً، و هذا لن بتيسر إلا بوصفة جديدة،  كان لابد من تطبيق الوصفة بدقة متناهية، لينجح النظام الجديد. أحضر كل مكونات الوصفة، ليضع المقدار المطلوب من كل منها. لكن و في غفلة منه، اعترت جسده رجفة، فسقط الميزان و اهتز الإناء و اندلقت كل المكونات فيه بلا أدنى حساب. و جد نفسه في موضع عجيب و وضع غريب، ينظر إلى إناءه و قد فاض بخليط غريب. ليس مجرد سلطة، بل هو هردميسة لا تُفضي لشيء.
بدأ الترهل يعوده من جديد، لكنه هذه المرة جاوز البطن ليشمل غيرها من الأعضاء. حتى تلك التي لم تترهل أصابها الوهن، نتيجة ترهل ما جاورها من أعضاء. في لحظات ضيقه، نسى ترهله القديم، و تناسى ترهله الجديد، فما عاد يذكر سوى معركته الفاصلة التي هزم فيها ذلك الترهل القديم.
الذين يتابعون حاله من بعيد، فيتمتعون بصورة بانورامية أوضح و أعم لما هو فيه، يؤكدون أن ترهله الجديد، و رغم توسعه و انتشاره، ليس له ذات الرائحة النتنة.

ليست هناك تعليقات: