2013/10/07

احذروا القاتل الصامت

يحتفل العالم كل عام بهذا اليوم- السابع من أبريل- الذي يوافق ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية World Health Organization(WHO)  عام 1948. و في كل عام يتم التركيز على موضوع معين مثير للقلق على المستوى العالمي، حيث يتم التوعية به و طرق علاجه. و في هذا العام 2013 ينصب الاهتمام بمناسبة يوم الصحة العالمي على القاتل الصامت...
هو القاتل الصامت بالفعل، لا يحس به ثلثي مرضاه و هو يعيث فتكاً بأعضائهم الداخلية يوماً بعد يوم. يختار الأعضاء الحساسة من الجسد  كالدماغ و الكلى و القلب أو العين. و لن يكتشف مرضاه اعتداء هذا القاتل الصامت على أجسادهم إلا بعد أن يسقطوا صرعى لسكتة دماغية أو جلطة قلبية أو انهيار وظائف الكلى، ليتسبب في وفاة 9 ملايين شخص كل عام ... إنه مرض ارتفاع ضغط الدم.
يشير آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية، والذي يتضمن بيانات من 194 دولة، إلى أن شخصاً من بين كل ثلاثة أشخاص في العالم مصاب بارتفاع ضغط الدم، تزداد هذه النسبة مع التقدم في العمر، حيث تبدأ بواحد من كل عشرة أشخاص في العشرينات والثلاثينات من أعمارهم وترتفع إلى خمسة من كل عشرة أشخاص في الخمسينات من أعمارهم.
القاتل الصامت هو السبب وراء أكثر من 90% من النوبات القلبية و أكثر من 20 % من السكتات الدماغية. و يؤدي ارتفاع الضغط بمرور الزمن إذا لم يعالج إلى الفشل الكلوي و يمكن أن يسبب العمى.
جميع الدراسات و الأبحاث تؤكد إمكانية الوقاية والعلاج من ارتفاع ضغط الدم. و قد أثمر النجاح في الوقاية والعلاج من هذا المرض، و تجنب عوامل خطر أخرى مسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية عن خفض عدد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب.
ففي الدول المتقدمة ومع التشخيص المبكر والعلاج المنخفض التكاليف قل ارتفاع ضغط الدم الحاد مما أدى إلى إقلال الوفيات.
أما في دول العالم الثالث  فإن أكثر من 40% من البالغين في العديد من البلدان يعانون من ارتفاع ضغط الدم، ومعظمهم يبقى بلا تشخيص على الرغم من إمكانية معالجة معظم الحالات بتكاليف منخفضة مما يقلل من خطر الوفاة.
يمكن الحد من مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم عن طريق: الإقلال من تناول الملح – إتباع نظام غذائي متوازن- تجنب التدخين و  تناول الكحول - ممارسة النشاط البدني بانتظام - الحفاظ على الوزن و تجنب السمنة.
هذه السبل تبدو محدودة في تعدادها بسيطة عند سردها، لكن تطبيقها لا زال يعجز عنه عدد غير قليل. فمازال يعاني 2.3 مليار من البشر من زيادة الوزن و قرابة المليون يعانون السمنة و آثارها السيئة و على رأسها ارتفاع ضغط الدم.
في عالمنا العربي ما زال التخلص من سمنتنا و ترهل أجسادنا يُعجزنا فثالث معدلات السمنة في العالم نجده في المملكة العربية السعودية بنسبة 35.6 من سكانها بينما تأتي الإمارات في المرتبة الرابعة بنسبة 33.7 % و في المرتبة السادسة نجد البحرين بنسبة 28.9 و مصر و الكويت وقطر نجدها ضمن متصدري قائمة السمنة في العالم .
الدراسات العلمية أثبتت كذلك أن الإفراط في تناول ملح الطعام يتسبب في وفاة ما يقرب من 2.3 مليون شخص كل عام، و أظهرت إحدى الدراسات  أن نسبة 15 في المائة من وفيات النوبات القلبية و السكتات الدماغية وغيرها من أمراض القلب كانت بسبب الإفراط في تناول ملح الطعام و كان ارتفاع الضغط هو الوسيط الدائم بين الإكثار من تناول الملح و حدوث الأضرار بالقلب و الدماغ.
 معظم مجتمعاتنا العربية ما زالت تعتاد استعمال كميات زائدة من الملح في طعامها اليومي. ففي الإمارات نجد الفرد يستهلك يومياً غرامين من الملح أكثر مما هو موصى به دولياً مما يزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم.
كذلك يظل التدخين أحد أهم الأسباب لتصلب الشرايين و ارتفاع ضغط الدم، و عالمنا العربي ليس ببعيد عن صدارة قائمة ممارسي هذه العادة. فوفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية حول معدلات التدخين والدول الأكثر تدخيناً في العالم, تأتي سوريا ولبنان في المركزين الخامس والسادس عالمياً حيث أن الإحصائيات تقول أن 62% من الرجال في سوريا مدخنون وتليها لبنان بنسبة 61% ، بينما تحتل نساء لبنان وفق بعض الإحصائيات العالمية المركز الأول عالمياً ضمن أكثر الدول تدخيناً بين النساء حيث تصل نسبة النساء المدخنات في لبنان إلى 57.1%.
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن قرابة مليوني شخص يلقون حتفهم كل عام بما يعادل 6 % من مجموع الوفيات في العالم بسبب قلة ممارسة النشاط الرياضي.
وترى المنظمة أن الأشخاص الذين يمارسون نشاطا رياضياً منتظماً يحافظون على جسم سليم كما تنخفض لديهم نسبة الإصابة بأمراض الشرايين التاجية و ارتفاع ضغط الدم الشرياني والأزمات الدماغية.
و تجمع العديد من الدراسات أن 15 دقيقة من الرياضة المكثفة و بشكل يومي, كافية للوقاية من المخاطر الصحية, و الحصول على حد أدنى من اللياقة المطلوبة, و ذلك بافتراض وجود نشاط يومي مستمر, وهوايات تتطلب مجهود جسدي.
بينما أوصت بعض البحوث البريطانية العامة بممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة أسبوعيا, و تقسيمها بشكل يومي بواقع 30 دقيقة خمس مرات أسبوعيا, بينما ترى مراكز الوقاية و الحماية من الأمراض أننا بحاجة إلى 30 دقيقة من الرياضة المتوسطة يوميا, من أجل الحصول على الوقاية الكافية من الأمراض.
في مجتمعنا العربي نكاد نقف بكليتنا بعيداً عن هذا الأسلوب الوقائي من الأمراض، ففي إحدى الدراسات تبين أن 91% من العرب لم يفكر أبداً في ممارسة الرياضة بعد إنهائه مراحل الدراسة.
إن الهدف النهائي ليوم الصحة العالمي 2013 هو خفض معدلات الإصابة بالنوبات القلبية و السكتات الدماغية. و تحقيق هذا الهدف النهائي يحتاج لتحقيق العديد من الخطوات كما قررتها منظمة الصحة العالمية و هي:
-         التوعية بمسببات ارتفاع ضغط الدم و مضاعفاته و سبل الوقاية منه.
-         التشجيع على القيام بالفحص الدوري لضغط الدم، و جعل وسائل قياس ضغط الدم في متناول الجميع.
-         تحفيز السلطات الوطنية والمحلية على تهيئة بيئة مؤاتية للسلوك الصحي.
هذه الأهداف نظل قاصرين عن إيفائها في الوقت الحالي في أغلب المناطق العربية، لأنها تعتمد بشكل كبير على وعي المواطن. و الرفع من مستوى الوعي يستلزم جهداً مضاعفاً يكاد يطال كل مؤسسات الدول و كل مكونات المجتمع، من مؤسسات صحية و مؤسسات تعليمية و أدوات إعلامية و حتى المساجد و الجمعيات الأهلية و الخيرية. تكاتف جهود الجميع هو ما سيخلق الوعي لدى الجميع، و هذا الوعي هو الذي سيطلق طاقة الفعل لدينا.

ليست هناك تعليقات: