2012/02/10

أوقفوا المتنمرين الجدد
د. حمد الرقعي
بعد نجاح الثورة في ليبيا و بعد مرور أشهر على إعلان التحرير، أمسينا نرى الكثير من الأفراد و بعض من الجماعات يأتون بتصرفات تجعل البعض يشكك في ولاء بعضهم للثورة و تؤكد عداء البعض الأخر لها، و تفضح انحياز هؤلاء لمصالح شخصية أو فئوية على حساب مصلحة الوطن.
إن ما نراه اليوم في بعض المناطق من ليبيا هو نوع من التنمر bullying الذي يهدف إلى فرض السيطرة على الآخر باستخدام السلطة و المال في بعض الأحيان و القوة في معظم الأحيان.
إذا أردنا أن نعرف الأسباب وراء هذا فعلينا الرجوع إلى الدراسات النفسية التي تبحث ظاهرة التنمر ، إذ تُرجع هذه الدراسات التنمر عند الأطفال إلى  محاولة للفت انتباه الآخرين إليهم. و قد يعمد الطفل إلى تدمير أشياء البيت للفت الانتباه إليه أو لتحقيق مطالبه، و قد يتخذ من التهديد بتكرار هذه الأفعال وسيلة دائمة للضغط لتحقيق أهدافه، خاصة إذا رأى هذا يُحقِق له بعض النتائج.
بعض المدن أو القبائل و نتيجة و قوفها بالكامل أو جزئياً ضد ثورة 17 فبراير في البداية ، تجد نفسها اليوم في وضع المهمشة – في نظر رجالاتها- الأمر الذي يولد لديهم شعوراً بالانتقاص الذي يعتبر وفق الدراسات النفسية كأحد أهم الأسباب المؤدية للتنمر. مما يدفع هؤلاء للقيام بتصرفات يصعب تفهمها عقلياً و منطقياً كعجزنا عن فهم قيام الطفل بتحطيم أشياء البيت للفت الانتباه إليه. لكن الأخطر هو حصول الطفل على ما يريد بتهديده بتحطيم الأشياء. فموافقتنا له و مسايرتنا إياه قد يجعلاه يواصل انتهاج ذات المسلك على الدوام.
ان الوضع الراهن في ليبيا و التهديدات التي تتربص بها، توجب على المجلس الوطني و الحكومة الانتقالية و الجيش الوطني تحمل مسئولياتهم اتجاه حماية مستقبل هذا الوطن، بمنع التنمر مهما كانت أشكاله و مستوياته قبل أن يعم و يخلق المزيد من المتنمرين. و يجب ألا يُسمح – من خلال القنوات الشرعية و أدواتها – لأي متنمر أن يُحقق أي من أهدافه مهما صغرت لأن هذا سيكون دافعاً لمزيد من التنمر و قد يكون مبرراً لظهور متنمرين جدد.
لقد سئم الشعب الليبي النمور الورقية التي تحكمت به لأمد ليس بالقصير، و لن يرضى هذا الشعب الأبي بأي متنمر جديد مهما كانت طويلة مخالبه. لذلك على أولياء الأمر في الدولة الليبية الجديدة تحمل مسئولياتهم بالضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه أو من يسول له أسياده التنمر على الشعب الليبي بأي صورة كانت . و أعتقد جازماً أن تقاعص المجلس الوطني أو الجيش الوطني عن القيام بدوره في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ ليبيا، هو تنصل من مسئولياتهما التي أناطها بهم الشعب الليبي، و عدم تدخلهما أو مماطلتهما كما حدث في الأيام الأخيرة من الحرب ضد الطاغية مما كلف الثوار مزيداً من الشهداء في سبيل إرضاء فئة معينة.
إن هذا سيؤدي إلى تدخل الشعب بأكمله من جديد لإيقاف سياسة التنمر عبر ثورة جديدة.  



للتواصل : Hamsam3@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: